نص السياسة العامة لحكومة ولد أجاي

نص السياسة العامة لحكومة ولد أجاي

قدم الوزير الأول المختار ولد أجاي، قبل قليل، السياسة العامة للحكومة أمام الجمعية الوطنية، ملتزما بمسؤوليته الدستورية عن تلك السياسة. وهذا نص السياسة العامة للحكومة: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم ■■■ السيد رئيس الجمعية الوطنية، السادة والسيدات النواب إن مثول الوزير الأول أمام الجمعية الوطنية، لعرض بيان السياسة العامة للحكومة، طبقا للمادة 42 من الدستور، يعد من أقوى اللحظات التي يؤكد خلالها الشعب الموريتاني، بنحو ملموس، عبر ممثليه، النواب المحترمين، أعضاء هيئتكم الموقرة، أنه بحق، مصدر كل سلطة، وصاحب السيادة الوطنية على الإطلاق. وهي ذات السيادة التي بموجبها، في استحقاقين منفصلين، طبعتهما الشفافية والنزاهة، انتقاكم ممثلين له في قبة الجمعية الوطنية، ومنح فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مأمورية رئاسية جديدة. وها هو الأمر، اليوم، يعود من جديد إلى نفس الشعب، صاحب السيادة، ليصادق، عبر ممثليه، على بيان السياسة العامة للحكومة التي عينها صاحب الفخامة بداية مأموريته الجديدة. فالشعب إذًا، مبدأ كل الأمر وغايته. وإن هذه اللحظة لمدعاة لفخرنا واعتزازنا جميعا. فهي تختزل ثمار الجهود الكبيرة، والتضحيات الجسيمة، التي راكمها الشعب الموريتاني بكل مكوناته، بنخبه ومثقفيه وسائر ألوان طيفه السياسي، جيلا بعد جيل، في سعيه إلى بناء نظام ديمقراطي، يكرس سيادة الشعب ودولة القانون والمؤسسات، ويضمن تداولا سلميا للسلطة، على نحو سلس وشفاف، باعتبار ذلك السبيل الأمثل إلى بناء الوطن الذي يطمح إليه: وطن يسع كل أبنائه وبناته ويعتزون جميعا بالانتماء إليه ويتشرفون بالدفاع عنه، يوحدهم فيه رباط مواطنة جمهورية متين، قوامه المساواة في الكرامة والحقوق والواجبات. وطن يحفظ حرياتهم وقيم وتعاليم دينهم الحنيف، ويصون في الوحدة والانسجام، هوياتهم الحضارية بتنوعها وثرائها وفق تعبير صاحب الفخامة. ■■■ ومعلوم أن بناء الدول والأوطان، على قدر الطموحات المتجددة لشعوبها، لا يكون إلا بناء تراكميا لا ينتهي، يشارك فيه الجميع كل من موقعه، بوضع ما أتاحته إكراهات ظرفه من لبنات، كما أشار لذلك فخامة رئيس الجمهورية في خطاب ترشحه لمأموريته الأولي.. وإن من أقوى اللبنات تعزيزا لصرح الدولة الموريتانية، وتهيئة لشروط ارتفاعه، في قوة واطراد، لتلك التي وضعها صاحب الفخامة، رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال مأموريته المنصرمة. فقد استطاع أن يعيد إلى الحياة السياسية هدوءها، بتكريسه نهج الانفتاح على الجميع، والنقاش والحوار، فنجح في نقل العلاقة بين مكونات المشهد السياسي الوطني، من القطيعة والتنافر والتخوين، إلى التهدئة والحوار والتفاهم، مثبتا بذلك، عمليا، أن بالإمكان، كما قال في خطاب الترشح 2024 ";أن نتحاور فنخدم البلد جميعا، بدل أن نتصارع فنضر به كلنا";. كما جعل من المواطن ومن تحسين ظروفه مصب كل سياساته العمومية. فحارب الفقر والاقصاء، والهشاشة بقوة، وبنى شبكة أمان اجتماعي واسعة، دعما لمواطنيه الأقل دخلا وتعزيزا لقدرتهم على مواجهة إكراهات الحياة اليومية، وحسن مستوى نفاذهم إلى الخدمات الأساسية وإلى الضمان الصحي والسكن اللائق. كما عمل على تعزيز الوحدة الوطنية ودعم عوامل الانسجام الاجتماعي بمحاربته عوامل الفرقة والتنافر، من تعصب قبلي مقيت، وصور نمطية زائفة. وأصر كذلك، على تحسين الحكامة بمكافحة الفساد والعمل على إصلاح الإدارة، وأوْلى بالغ العناية لتعزيز حضور الشباب والمرأة في مختلف مواقع تدبير الشأن العام، وأطلق لصالحهم مشاريع متنوعة لتحسين قابلية التشغيل وتعزيز التكوين المهني وريادة الأعمال، وخلق فرص العمل. كما استطاع أن يحسن بنحو ملحوظ مؤشرات النفاذ إلى الخدمات الأساسية ودعم بفعالية البنى التحتية الداعمة للنمو وأرسى دعائم المدرسة الجمهورية في سياق إصلاح شامل للمنظومة التعليمية وأطلق مسار إصلاح العدالة والصحافة، وحافظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى وعلى نسب نمو اقتصادي جيدة في الوقت الذي كان الركود الاقتصادي يهدد العالم بأسره، بفعل مضاعفات جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية الكارثية للحرب الروسية الأوكرانية. وقد هيأ فخامته لكل هذه الإنجازات بدوام سهره على صون الأمن والاستقرار، على الرغم مما يجتاح المحيطين، الإقليمي والدولي، من عنف وإرهاب وحروب مدمرة، وكذلك باعتماد سياسة خارجية نشطة، ذات حضور دولي وإقليمي بارز، ترعى مصالح الدولة ورعاياها في الخارج، وتنتهج حسن الجوار وعلاقات الصداقة والتعاون، والدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين المحتلة. غير أن هذه الإنجازات الكبيرة البادية للعيان والمحسوسة، لم تحجب عن فخامة رئيس الجمهورية جسامة التحديات التي لاتزال قائمة، نظرا لعلو سقف طموحه للوطن وإدراكه لحجم تطلعات شعبنا المشروعة، ولحداثة عهدنا، مجتمعيا، بالدولة العصرية، ووعيه العميق بما يفرضه المحيط الإقليمي والدولي من تحديات أمنية وجيوسياسية واقتصادية وبيئية متداخلة، وكذلك بما راكمناه، على مر العقود، من اختلالات بنيوية عميقة. نحن بلد يقال عنه غالبا ";غني بموارده"