باحث موريتاني: التقويم الهجري يعاني من تهميش.. وارتباط المصالح بالتقويم الميلادي أحد الأسباب

باحث موريتاني: التقويم الهجري يعاني من تهميش.. وارتباط المصالح بالتقويم الميلادي أحد الأسباب

قال الباحث والأستاذ الجامعي المتخصص في التاريخ، الدكتور الشيخ حماه الله ولد محمد، إن تراجع استخدام التقويم الهجري في الحياة العامة بموريتانيا يعود بالدرجة الأولى إلى ارتباط مصالح الناس الإدارية والمالية بالتقويم الميلادي، وهو ما أدى إلى تهميش متزايد للتقويم الهجري على مر العقود.

 

وفي حديث خص به موقع "كادر"، بمناسبة العام الهجري الجديد 1447 هـ، أوضح ولد محمد أن هذا التراجع لا يرتبط فقط بالسياسات الرسمية، بل يتغلغل في مختلف مستويات التعامل اليومي، بما في ذلك الوثائق الإدارية، والمواعيد الرسمية، والمراسلات الحكومية، وحتى الحياة الاقتصادية، مضيفا أن الزمن الحديث أعاد تشكيل علاقة الناس بالتاريخ، لتغيب بذلك البوصلة الهجرية التي كانت سائدة لقرون.

 


من المدونات إلى الدولة الحديثة:
 

وأشار الدكتور الشيخ حماه الله إلى أن المدونات التاريخية الموريتانية التي سبقت نشوء الدولة الحديثة كانت تعتمد كليا على التقويم الهجري، دون أي ذكر يُذكر للتقويم الميلادي، وهو ما يعكس طبيعة الوعي الزمني في المجتمع الموريتاني التقليدي.
 

وقال ولد محمد إن التحول إلى الميلادي جاء مع نشوء الدولة الحديثة في موريتانيا، إذ فرضت الإدارة الرسمية استخدام التأريخ الميلادي وحده في وثائقها، من خلال ربطه بمصالح الناس المادية، كالرواتب مثلا.

 

الهجري.. إشكاليات الرؤية وثبات الميلادي
 

وفي سياق أوسع، نبه ولد محمد إلى أن هذا التوجه لا يقتصر على موريتانيا، بل يشمل معظم الدول الإسلامية المعاصرة، التي تبنت التقويم الميلادي رسميًا، "باستثناء حالات قليلة"، مرجعًا ذلك إلى ما وصفه بصعوبات تقنية وفنية في استخدام التقويم الهجري.

 

وأوضح الأستاذ الجامعي أن "التقويم الهجري يتطلب رصدا دوريًا لرؤية الهلال، وغالبًا ما تشهد هذه العملية خلافات فقهية وفلكية، ما يجعله أقل استقرارًا مقارنة بالتقويم الميلادي الثابت، وهو ما لا يناسب الإجراءات المرتبطة بالرواتب والبرمجة الزمنية الدقيقة.

 

غياب غير مبرر:
 

رغم كل ما سبق، يرى الشيخ حماه الله أن غياب التقويم الهجري من المشهد الزمني في الحياة العامة أمر غير مبرر من الناحية الحضارية والتوثيقية، مشددًا على أن الواجب أن يتم اعتماد التقويمين معًا في جميع الوثائق والأنشطة، حفاظًا على الهوية، واعترافًا بالقيمة الرمزية للتقويم الهجري.
 

وختم حديثه بالقول: غياب أحد التأريخين لا مبرر له، ويفترض أن يذكر التأريخين معا، الميلادي والهجري، أما أن يغيب أحدهما تماما فهذا فيه نقص توثيق.