رغم المكائد.. ما زال التدارك ممكنا يحيى سالم داداه

رغم المكائد.. ما زال التدارك ممكنا يحيى سالم داداه

بواسطة sidahmed

عانت بلادنا منذ الاستقلال من حكامة وصفت بعدم النجاعة وعدم امتلاك أصحابها الرؤية التي تتناسب وحاجة البلد إلى تحقيق تنمية متوازنة ينعم كل أبنائه بما قد تتيحه.
وقد شكل خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة إعلان ترشحه في فاتح مارس سنة 2019 لكل الغيورين، وهم للأسف قلة ضمن النخبة وأهل النفوذ وأصحاب المصالح، بارقة أمل في أن أهل هذا البلد قد وجدوا ضالتهم في التغيير البناء والهادئ.
تأثرت المأمورية الأولى بعوامل خارجة عن الإرادة، شكلت في معظمها عائقا كبيرا أمام تحقيق ما تعهد به صاحب الفخامة ضمن برنامجه الذي أعلن عنه إبان الحملة الرئاسية آنذاك.
وعلى الرغم من ذلك فقد تحقق الكثير من المكاسب السياسية والاجتماعية بفضل حكمة فخامة رئيس الجمهورية ورؤيته ولولا ذلك لكنا، لاقدر الله، نعيش مشاكل يصعب التغلب عليها.
وبفضل الإدارة الحكيمة للمأمورية المنصرمة والتهدئة التي اتسمت بها هذه المأمورية والإصرار على تحقيق ما لم يتحقق من قبل، فإنه تبادر لدى جميع القوى الحية في بلادنا أن دروسا كثيرة تم استخلاصها من هذه المأمورية، ومن ماضي الأنظمة المتعاقبة وهي ضرورة أن تتغير العقليات، ويكون الهدف الأسمى هو بناء دولة ينعم كل أبنائها بالعدل والمساواة وأن ينصب جهد الجميع على ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
ومن أجل ذلك تقدم صاحب الفخامة ببرنامجه "طموحي للوطن" الذي نال تزكية الشعب الموريتاني، في انتخابات تعددية، وقد شكل تعزيزا للأمل لدى من زكوه وحتى من كابروا وصوتوا لغيره.
وحرصا على ترجمة هذا الطموح واقعا ملموسا، اختار فخامة الرئيس معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي الذي شكل تاريخه الوظيفي وجديته في التعاطي مع قضايا الوطن اختيارا رآه أغلب المراقبين موضوعيا وأكبر ضمان لترجمة هذا الطموح.
وفور توليه قيادة الحكومة وصل الليل بالنهار ، وباشر بتوجيهات مباشرة من صاحب الفخامة، العمل على أهم المحاور الاقتصادية والاجتماعية حيث حرك الركود الملاحظ في العديد من المشاريع وخلق الأمل لدى الكثير ممن يحلمون بمستقبل أفضل لهذا البلد.
اكتملت مشاريع كانت متعثرة، وتقدم العمل في أخرى كانت أكثر تعثرا، وتمت برمجة العديد من المشاريع الطموحة ستعود بحول الله وقوته بالنفع على البلاد والعباد وسينعم الشعب بعوائدها سريعا.
وتزامنا مع هذه الديناميكية، ظل التشويش يظهر أحيانا ويختفي أحايين أخرى. وما أن تأكد مضي النظام في مواصلة هذه الإصلاحات، وتبني رئيس الجمهورية شخصيا، وإشرافه المباشر على معظم التفاصيل اليومية للعمل الحكومي، حتى بدأت الأراجيف، وصياغة التقارير، والأخبار المضللة، الهادفة إلى التشويش على المسار.
أخذت أحيانا شكل تسريبات عن عدم انسجام في الفريق الحكومي، واستدعت أحيانا أخرى صراعات متوهمة على الصدارة في ٢٠٢٩، وتخبطت أحيانا في شائعات تغيير الحكومة، وأحيانا أخرى في أحاديث عن حل البرلمان والانتخابات المبكرة!! ولا شك أن الجامع بين كل هذه التخبطات هو محاولة التشويش على العمل الحكومي، ومساره الذي بدأ يؤتي ثمارا ماثلة للعيان.
إنه نفس السلاح الذي استخدم في كل مرة يحاول بلدنا العبور بجدية إلى صناعة مسار تنموي استراتيجي، يأخذ في الحسبان، متطلبات العمل المستدام، ويولي أهمية للمستقبل.
لكن الخطر في حالتنا الراهنة، وهو بالمناسبة جديد على ساحتنا الوطنية، أنه رغم اعتراف بعض المعارضين بوجود جدية وصرامة، رغم خلافهم مع السلطة الحاكمة، فقد ظهرت جماعة من "الموالين لأنفسهم" يعملون دون كلل أو ملل لقلب الحقائق وتصوير جهود النظام فقاعات، مستخدمين سيناريوهات متخيلة تنتج كل ما من شأنه التشويش على المسار الجاد الذي اختطه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
إنها سابقة خطيرة في تاريخ "التنافس المصلحي" في البلد؛ أن تتكون داخل  "الأغلبية الداعمة للرئيس" حاضنة للتشويش على عمل الحكومة، وأن يكون أقطابها معروفين، ولا يتسترون على مواقفهم المستهدفة لأركان نظام الرئيس، وذوي ثقته.

لقد بالغت هذه المجموعات في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وما تتيحه من سهولة نشر الشائعات، والأخبار الزائفة، لتغرس في نفوس كثير من المواطنين، من بينهم مسؤولون، وفاعلون، أن شيئا لم يتحقق، وأن "التغيير وهم تسوقه أطراف ذات مصالح".
في ظل احترام العناصر الرئيسية في مشروع الرئيس غزواني، أخلاقيات النشر العام، والاحتفاظ بمسافة من "الغوغاء المنتشرة في الإعلام"، خلا الجو للدعاية المدفوعة، والمغرضة، لتبث السموم في كل مكان، ومن حول كل مشروع.
وأمام هذه الوضعية لن يكون أمام القيادة العليا سوى واحد من خيارين:
الأول: إجراء عملية جراحية دقيقة على السلطة التنفيذية لاستئصال الورم الذي يسعى جاهدا لقتل أحلام هذا البلد. وسيتولد عن هذا الإجراء تماسك وانسجام في الأغلبية، وفرض واقع هدفه الوحيد دعم الإصلاحات، وتثمين المنجز وخلق الظروف المناسبة لمواصلة ذلك. وهو الضامن الأوحد لتحقيق حصيلة مشرفة لفخامة رئيس الجمهورية في مأموريته الثانية. وهو حل ما زال ممكنا.

الثاني: ترك الأمور والتغافل عنها، وإطلاق العنان للجماعة التي أعمت بصائرها المصالح الضيقة، والأحقاد الدفينة، لبث الشائعات والتقليل من أهمية المنجز، والتشكيك في ولاء من لا يعجبهم، وهذا ما سيجعل السلطة الحاكمة عرضة للترهل، ويفوت أي فرصة لبقائها متماسكة، مما يعرض التقدم في الانجاز لعوائق يصعب تجاوزها.

والله ولي التوفيق.