القيادة الموريتانية تُعيد مكتبة ولد التلاميد إلى أرض الوطن

القيادة الموريتانية تُعيد مكتبة ولد التلاميد إلى أرض الوطن

 

في خطوة ثقافية بالغة الدلالة، واستجابةً لحلم راود المثقفين الموريتانيين لعقود، تم التوقيع مؤخرًا في على ثلاث اتفاقيات لتعزيز التعاون بين موريتانيا ومصر في مجالي الثقافة والإعلام. وقد تميّزت هذه الاتفاقيات بمذكرة تفاهم تاريخية تمهّد لاستعادة مكتبة العلامة الشنقيطي محمد محمود ولد التلاميد، أحد أكبر رموز الفكر العربي والإسلامي في العصر الحديث .

 

العلامة ولد التلاميد، الذي وُلد في مدينة شنقيط القرن التاسع عشر، يُعد من كبار علماء عصره، ومن أبرز من خدموا اللغة العربية والعلوم الإسلامية في المحيطين المشرقي والمغاربي.

استقر في مصر في أواخر حياته، حيث درّس بالأزهر، وكان عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وأسهم في تصحيح وتحقيق عشرات الكتب التراثية النادرة .

 

وقد جمعت مكتبته الخاصة بين دفّاتها مئات المخطوطات والكتب النادرة في الفقه، والحديث، واللغة، والفلك، والتاريخ، والطب، بعضها بخط يده، وبعضها نسخها خلال أسفاره في بلاد المغرب والمشرق. لقد كانت تلك المكتبة شاهدًا على عبقرية رجل، ورمزًا لجسر معرفي يربط بين ضفّتي العالم العربي.

 

لم تكن هذه المكتبة مجرّد رصيد علمي، بل كانت جزءًا من الذاكرة الثقافية للمنطقة، واستفاد منها طلاب العلم والباحثون المصريون والعرب على حد سواء. واليوم، تأتي الخطوة المشتركة بين نواكشوط والقاهرة لتُمهّد لاستعادة هذا الكنز المعرفي، ضمن رؤية ثقافية واسعة تعيد الاعتبار للرموز الموريتانية التي خدمت الإنسانية من خارج الحدود ..

 

وتبرز هذه الخطوة كفرصة حقيقية للإشادة بدور الحكومة الموريتانية التي اظهرت التزامًا حقيقيًا بإحياء التراث الوطني .

 

الخطوة القادمة، يجب أن تتجه نحو رقمنة محتويات المكتبة، وفهرستها، وإتاحتها للباحثين، وتوفير بيئة علمية تليق بهذا الإرث. فمكتبة ولد التلاميد ليست فقط ملكًا لموريتانيا، بل إرث إنساني يجب أن يُنشر ويُحتفى به .

 

المهندس محمد محمود ولد الصيام

[email protected]